واقع حقوق العاملين في القطاع الزراعي الفلسطيني في الضفة الغربية
يسلط هذا البحث الضوء على واقع العاملين الزراعيين في الضفة الغربية من خلال بحث واقعهم في ثلاث مناطق هي الأكثر تشغيلاً للعمالة الزراعية في الضفة الغربية، وهي محافظة أريحا والأغوار ومحافظة طوباس ومحافظة جنين. وذلك بهدف توضيح طبيعة الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء العاملون من حيث الأجر وظروف العمل والحقوق القانونية والأطر التشريعية الناظمة لهذه الحقوق ببعديها المحلي (قانون العمل الفلسطيني ولائحة العمل الموسمي) والدولي والمتمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في الأرياف واتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة، واستخدم البحث المنهج الوصفي التحليلي بالأسلوب الكمي النوعي من خلال توزيع استبيان على عينة عشوائية من مجتمع البحث بلغت 885 فرداً ولتعزيز النتائج تم تنظيم مجموعات نقاش مركزة (بؤرية) مع العمال الزراعيين في المواقع المستهدفة في شمال الضفة الغربية للوقوف على ظروف عملهم. كذلك تم إجراء مقابلات فردية مع مسؤولين في وزارة العمل ونقابة العاملين في الزراعة والصناعات الغذائية واتحاد لجان العمل الزراعي. وتفيد تقديرات نقابة العاملين في القطاع الزراعي والصناعات الغذائية إلى أن عدد العاملين في هذا القطاع يتجاوز 30 ألفاً، لكن لا تتوفر إحصائيات دقيقة عنهم كون هذا القطاع متحركاً ولا يتسم بالثبات النسبي كبقية القطاعات، حيث يتسم أكثر
بالموسمية وتنقل العاملين من قطاع إلى أخر.
وخلص البحث إلى أن العاملين في القطاع الزراعي خاصة النساء هم الأدنى أجراً من بين مختلف قطاعات الاقتصاد الفلسطيني كما أن هؤلاء العاملين يعملون في ظروف عمل لا تأخذ في الاعتبار الصحة والسلامة المهنية والوقاية من مخاطر وإصابات ولا يتمتعون حتى بعقود عمل مكتوبة تضمن لهم الحد الأدنى من حقوقه وهم مضطرون إلى قبول هذا الواقع في ظل تردي الظروف الاقتصادية وحاجتهم الماسة إلى العمل.
وقرابة 90% من العاملين في قطاع الزراعة يعملون في الثروة النباتية بمتوسط أجر بلغ حوالي 88 شيكل يومياً وأن حوالي 87% من العاملين لا يحصلون على حقوقهم في الإجازات مدفوعة الأجر، مثل الإجازة السنوية أو الأعياد والإجازات الدينية أوعطلة نهاية الأسبوع، فيما تجاوزت نسبة المحرومين من مكافأة نهاية الخدمة والعقود المكتوبة 90 من العاملين. أما فيما يتعلق بالصحة والسلامة المهنية فقد أكد قرابة 85% من المبحوثين أنهم عرضة لمختلف المخاطر الناجمة عن عملهم مثل الحوادث والإصابات أو الأمراض الناجمة عن التعامل مع المواد الخطرة وظروف العمل القاسية في ظل غياب تدابير الوقاية والسلامة العامة. وحوالي 80% من العاملين لا يتمتعون بالتأمين الصحي ولا يتلقون أي تعويضات في حال إصابتهم. ومن النتائج الملفتة أيضاً أن أكثر من 90% من العاملين في هذا القطاع لا ينتمون إلى أي من النقابات المهنية، وأن نصف العاملين لا يشعرون بالأمن والأمان في عملهم.
وانقسمت توصيات البحث إلى ثلاثة أقسام، أحدها موجه إلى النقابات ومؤسسات المجتمع المدني بضرورة رفع وعي العاملين بحقوقهم وتنظيمهم في أطر ونقابات تدافع عن حقوقهم وتضغط من أجل تنفيذ إصلاحات قانونية وتشريعية جذرية لحماية حقوق هؤلاء العاملين، أما الجزء الثاني من التوصيات فوجهه البحث إلى الجهات الرسمية مثل مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى والوزارات المختصة، بضرورة تعديل القوانين وإنشاء المحاكم العمالية المختصة وتشديد إجراءات الرقابة والتفتيش على ظروف العمل وحقوق العاملين. فيما جاء الجزء الثالث من التوصيات مشتركاً بين القطاعات الثلاثة الحكومي والأهلي والقطاع الخاص. وهي توصيات متعلقة بتنظيم قطاع العاملين في الزراعة وتطويره بما يحقق مصالح مختلف أطراف العلاقة.