حين تتحول الأكاذيب الى وسيلة لنزع الشرعية عن المجتمع المدني الفلسطيني
منهج توظيف الأكاذيب لخدمة أهداف سياسية محددة استخدم
ويستخدم على نطاق واسع في العالم، وليس غزو العراق عام 2003 بذريعة الأسلحة
النووية والكيماوية سوى مثال واحد على ذلك.
العديد من المنظمات الاستيطانية في الضفة الغربية
وداخل دولة الاحتلال نفسها مدعومة من حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية تستخدم
المنهج ذاته في ممارسة الكذب والادعاء ضد الشعب الفلسطيني ونضاله العادل والمشروع
دوليا من أجل حقوقه وفق القوانين والقرارات الدولية، التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني
في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها
القدس وعودة لاجئيه المشردين في أربع أرجاء الكون.
ذلك يظهر في العديد من مظاهر وتجسيدات منظومة الاحتلال
الاستعمارية، بما يشمل تصعيد الحملة الاحتلالية التحريضية ضد المجتمع المدني
الفلسطيني ومؤسساته المختلفة خاصة التي يتركز عملها في المنطقة “ج ” الخاضعة
للسيادة الاسرائيلية الكاملة وفق اتفاق أوسلو 1993 ، وذلك بهدف نزع الشرعية عنها
وتجفيف مواردها المالية. من ضمن تلك المؤسسات المستهدفة بالأكاذيب والادعاءات اتحاد
لجان العمل الزراعي الذي يعمل منذ عام
1986 من أجل نصرة الفلاح الفلسطيني ومساعدته في حماية ارضه من أنياب جرافات
الاحتلال ومستوطنيه وفق قواعد القانون الدولي.
يتصاعد التحريض الاحتلالي منذ عدة سنوات ضد الاتحاد من
خلال وسائل الاعلام الاسرائيلية المختلفة، وعبر مخاطبة عدد من المؤسسات والحكومات
في العالم بزعم وجود علاقات للمؤسسة بتنظيم ( ارهابي ) على الرغم من حقيقة أن
الاتحاد هو مؤسسة تنموية زراعية تتمتع باستقلالية كاملة عن كافة التشكيلات
السياسية الفلسطينية، وتعمل استنادا الى المعايير والقوانين الدولية وبشكل خاص
قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بحق الانسان الفلسطيني بالحرية
والتنمية والحياة، كذلك استنادا الى الأنظمة
والقوانين المقرة من قبل السلطة الوطنية
الفلسطينية.
إذ ان الاتحاد مسجل كمؤسسة زراعية أهلية وفق قانون
الجمعيات والمنظمات الأهلية الفلسطينية رقم
1 لعام 2000 ، وهو ينحاز في برامجه ومشاريعه للفقراء والمهمشين من صغار المزارعين
والمزارعات والصيادين، بالتالي لا يخفي هويته التقدمية. وتربطه علاقات وثيقة مع
الحكومة الفلسطينة ووزارتها ذات الصلة بعمله ومع العشرات من المؤسسات التنموية
الفلسطينة والدولية ، كما انه يمثل فلسطين والوطن العربي في حركة طريق الفلاحين
الدولية ( لا فياكمبسينا )، وهو عضو في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ومواردها IUCN.
وأكثر من ذلك تستهدف مشاريع الاتحاد التنموية سنويا
نحو 30 الف مزارع وأسرهم، وفاز بثلاث
جوائز دولية خلال عامي 2014 و 2015 هي : جائزة الفكر العربي المقدمة من
مؤسسة الابداع العربي عن أهم فكرة تنموية تهتم بحسين الظروف الإقتصادية للمزارعين،
وذلك لإنجازه استصلاح وتطوير 80 الف دونم من الاراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع
منذ عام 1986. جائزة خط الإستواء عن أفضل فكرة لمكافحة الفقر. جائزة
السيادة على الغذاء عن عمله في تعزيز مفهوم السيادة على الموارد والغذاء
ومحاربة كل أشكال الإحتكار، حيث سلمت له الجائزة في إحتفالية كبيرة في واشنطن.
وفي العام 2003، أنشأ الاتحاد بنك
البذور البلديّة
الفلسطينيّة، بهدف حمايتها كثروة طبيعيّة، من خلال جمعها وتوثيقها وتحسين سلالاتها وزيادة كمياتها وحفظها
وإتاحتها كمصدر للغذاء للمجتمع الفلسطينيّ وخصوصًا
للفقراء منهم وذوي الدخل
المحدود. قام بنك البذور البلديّة بعملية إكثار وتحسين
لأكثر من 40 صنفا ما
بين محاصيل الخضراوات والمحاصيل الحقلية
والحبوب، ويستفيد منه آلاف المزارعين الفلسطينيّين
سنويًا.
بسبب تلك
الحقائق عملت حكومة الاحتلال ومؤسساتها الاستيطانية على لي عنق الحقيقة في محاولة
لتضليل الرأي العام الدولي عبر نشر سلسلة من الاكاذيب والادعاءات حول علاقات
مزعومة للمؤسسة مع ( الارهاب )، وهنا يطرح سؤال برسم الاجابة حول من هو الارهابي :
مؤسسة زراعية تنموية أهلية، أم من يسيطر على الارض بقوة السلاح ويتنكر للقرارات
الدولية، وأكثر من ذلك يسعى لضم المنطقة ج من خلال تشريع عدد من القوانين كقانون
القومية اليهودية وتسوية اوضاع البؤر الاستيطانية في الضفة.
إن هدف هذه الحملة المضللة والخادعة والتي تنضح
بالاكاذيب الممجوجة، هو منع الاتحاد من العمل على نصرة المزارع الفلسطيني في المنطقة
المصنفة ج في الضفة الغربية، ومنعه من مساعدة ونصرة المزارعين والصيادين في قطاع غزة، الذين لا يجدون قوت يومهم بسبب حصار
الاحتلال الخانق للقطاع .
بالتالي فإن تكرار الكذب من قبل منظمات استيطانية
صهيونية أمثال ريغافيم ومراقب المنظمات الأهلية الفلسطينة ، وحقوقيون بريطانيون من
اجل اسرائيل ، ومراقب الاعلام الفلسطيني ، وشورات هدين. يأتي في سياق مساعي هذه
المنظمات مدعومة من حكومة نتنياهو المتطرفة
لضم المنطقة ج الى ” اسرائيل ” التي أدارت ظهرها ليس فقط
للقرارات الدولية بل لاتفاقية اوسلو أيضا.
المستوطن يشاي حيمو مسؤول منظمة ريغافيم في الضفة
الغربية اعتبر في مقابلة مع القناة العاشرة الاسرائيلية بأن اتحاد لجان العمل
الزراعي يعمل في المنطقة باعتباره ” الصندوق القومي الفلسطيني ” مشبها
إياه ب ” الصندوق القومي الصهيوني”، وذلك في معرض حديثه عن قيام الاتحاد باستصلاح الاف الدونمات في هذه
المنطقة ” بهدف خلق تواصل فلسطيني بين المدن الفلسطينية وبالتالي فرض حقائق
على الارض تمنع توسع المستوطنات. https://www.youtube.com/watch?v=RAP73rqSEuo . علما أن هذه المنظمة
كما العديد من الاحزاب الصهيونية تسمي
الضفة الغربية يهودا والسامرة وتعتبرهها جزءا من ” اسرائيل “.
هذه
المنظمة نفسها كانت قد دعت عام 2016 البريطانيين للتصويت بنعم لخروج بريطانيا من
الاتحاد الاوروبي لمعاقبته على دعمه للفلسطينيين !!!، وقال مئير دويتش، مدير قسم
السياسة والعلاقات الحكومية في المنظمة ” إن منظمته ترغب في ايذاء الاتحاد
الأوروبي بسبب “تدخله في النزاع الداخلي بين إسرائيل والفلسطينيين”.
ورأى دويتش أن الاتحاد الأوروبي يتصرف بطريقة “معادية لإسرائيل” مؤكدا
“نعتقد أن عليهم التصرف بطريقة متوازنة أكثر. وطالما لا يحدث ذلك فإننا نريد
أن يتضرر الاتحاد الأوروبي“. https://www.shasha.ps/news/222729.html
وكانت صحيفة “هآرتس” قد كشفت النقاب في تقرير لها
صدر بتاريخ 18/1/2018 عن كون الحكومة الإسرائيلية تمول وترصد الميزانيات للجمعية
الاستيطانية “ريغافيم” التي تنشط في إخلاء المواطنين الفلسطينيين من
أراضيهم وإقامة بؤر استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في مقابلة أجرتها (واشنطن بوست) مع وزيرة القضاء
الإسرائيلية إيليت شاكيد، سُئلت الأخيرة ما إذا كانت تعتقد أن الوقت قد حان لتطبيق
السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية كاملة، أجابت شاكيد: “نعم،
بالتأكيد، المنطقة “B” مُنحت
تنسيق أمني مشترك مع إسرائيل، ولكن في المنطقة
“C” هناك نصف مليون إسرائيلي و100 ألف
فلسطيني، وأعتقد أنه ينبغي لنا أن نطبق القانون الإسرائيلي على هذه المنطقة“. https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2018/03/03/1126866.html .
الى ذلك جاء في تقرير لمؤسسة بتسيلم الاسرائيلية ، وهي
مؤسسة مستهدفة ايضا بحملات التحريض من المستوطنين وحكومة نتنياهو” إن السياسة
التي تتّبعها إسرائيل في مناطق“ج”
“يقف
من ورائها تصوّر يرى أنّ هذه المنطقة وُجدت أوّلاً وقبل كلّ شيء لخدمة احتياجات
الإسرائيليين؛ تصوّر ينظر إلى المنطقة بمنظار الطموح إلى ضمّ أجزاء كبيرة منها إلى
إسرائيل. لذلك تعمل إسرائيل بشكل مثابر على تعميق سيطرتها هناك وعلى استغلال موارد
المنطقة لمصلحة سكّانها وعلى خلق واقع دائم قوامه الاستيطان المزدهر – يقابله حضور
فلسطينيّ ضئيل إلى الحدّ الأقصى الممكن”. https://www.btselem.org/arabic/planning_and_building
وتضمنت رسالة وجهتا وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي
فيديريكا موغريني في الخامس من تموز الماضي الى وزير الأمن الداخلي في حكومة
الاحتلال غلعاد اردان ردا على ادعاءاته بتمويل الاتحاد الاوروبي لأنشطة ارهابية
عبر تمويل جمعيات ومنظمات مدنية فلسطينة ( إن الاتهامات حول دعم الاتحاد الاوروبي
للتحريض أو الارهاب لا أساس لها من الصحة وغير مقبولة ، والتقرير نفسه غير مناسب
ومضلل ، إنه يمزج الارهاب مع قضية المقاطعة ويخلق حالة من الارتباك غير المقبول في
نظر الجمهور حول هاتين الظاهرتين المتميزتين ) مضيفة ( انها تعارض بشدة اية اشارة الى ان الاتحاد الاوروبي متورط في
دعم الارهاب ، وان الاتهامات غامضة وغير مثبتة ولا تخدم سوى حملات التضليل ) . http://www.wattan.tv/ar/news/258871.html
أخيرا تؤكد إدارة اتحاد لجان العمل الزراعي تصميمها على
المضي قدما في ترجمة شعارها ( نحمي أرضنا وننصر مزارعينا ) من خلال مشاريعها التنموية وخاصة في المنطقة المصنفة
” ج ” وترى أن الاكاذيب لن تنطلي على أصدقاء المؤسسة وأصدقاء الشعب
الفلسطيني التواق للعيش بحرية وسلام أسوة بشعوب العالم .
·
كاتب
فلسطيني