Categories الاخبار

التحريض الإسرائيلي ضمن سياسة استعمارية متكاملة لتجريم أصحاب الحق

في سياق تحريضي لا ينفصل عن سياسة متكاملة يمارسها
كيان الإحتلال الإسرائيلي منذ نشأته، تستمر حملة التحريض على الشعب الفلسطيني
ومؤسساته الوطنية، حملات تحريضية على كل المستويات تستهدف كل ما هو فلسطيني وكل من
يقف كداعم أو مساند للقضية الفلسطينية وشعبها المحتل، وقد شكلت الماكينة الإعلامية
الإسرائيلية تاريخياً أهم منابر التحريض، حيث اعتبر مؤسسي كيان الإحتلال الإعلام كأحد
أهم خطوط الدفاع عن المشروع الصهيوني، وتثبيته على الأرض وتبرير سياساته الإستعمارية
الإحلالية لأرض فلسطين.

إلى جانب المستوى الإعلامي، توجد عدة مؤسسات اسرائيلية
وجمعيات استيطانية مرتبطة مباشرة مع حكومة الاحتلال، وقد خصصت لها الملايين بهدف دعمها
وتعزيز مهمتها التحريضية، مثل
(NGO Monitor, IMPACT-se  (Institute for Monitoring Peace and Cultural
Tolerance in School Education, Reut Group’s)

 والجمعية
الاستيطانية “ريغافيم” التي تعد من أبرز الجمعيات الاستيطانية التي
تتلقى الدعم الأكبر من الحكومة الاسرائيلية، وتعتبر أن مهمتها “المحافظة على
الأراضي الوطنية” – في الوقت الذي اقتلع فيه المستوطنون من بداية 2017 حتى
أكتوبر 2017 4000 شجرة زيتون فقط بعيداً عن أنواع الأشجار الأخرى، فكيف لمدعي
أحقيته بهذه الأرض أن يدمر أقدس ما فيها! – وتنشط “ريغافيم” في إخلاء
المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم وإقامة بؤر استيطانية في الأراضي الفلسطينية
المحتلة، وتحصل على دعم بملايين الشواقل من المجالس الإستيطانية وحكومة الاحتلال.

شاهد، مستوطنون يقتلعون ويحطمون أشجار الزيتون في
حوارةنابلس
https://www.youtube.com/watch?time_continue=2&v=1n5-mxD8JMs

إن مهمة هذه المؤسسات والجمعيات الإستيطانية بشكل
أساسي رصد ومتابعة عمل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني ونشاطها على الأرض، لتنطلق
منه بإطلاق حملات تحريضية على هذه المؤسسات وإلصاق التهم فيها بهدف إيقاف عملها
المتمثل بالدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني وحقه في أرضه والدفاع عنها، كما نصت
على ذلك المواثيق الدولية، ولا يتوقف هدف هذه المؤسسات هنا بل يتعداه ليصل مرحلة
التأثير بالتحريض على المؤسسات المساندة والداعمة للقضية الفلسطينية وإيقاف دعمها
للشعب الفلسطيني.

ومؤخراً وضمن حملة مستمرة، شنت وسائل إعلام اسرائيلية بتحريض
من الجمعية الاستيطانية “ريغافيم” محطة جديدة من التحريض ضد اتحاد لجان
العمل الزراعي، بعد مراقبة ورصد من “ريغافيم” التي يديرها مستوطنون
يعيشون على أرض تم الاستيلاء عليها من قبلهم وحكومتهم وسرقتها من أصحابها الفلسطينيين،
لتحول إلى منبر للتحريض على الشعب الفلسطيني وللتحريض على مزيد من البناء الإستيطاني
والتوسع الإستيطاني وتهجير واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم رغم كل القوانين الدولية وحقوق
الإنسان التي نصت على عدم شرعية هذا الاحتلال وممارساته على الأرض، وعن حق الشعب الفلسطيني
في الدفاع عن أرضه. فحسب دراسة لمركز أبحاث الأراضي فإن حكومة الاحتلال ومستوطنيها
قامت في العام 2017 بمصادرة (9784) دونم من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية
بما فيها القدس، وهدمت حوالي (500) مسكناً ومنشأة، وهددت بالهدم حوالي (855)
مسكناً ومنشأة، وقامت بإنشاء (8) بؤر استيطانية جديدة، وتقوم بإنشاء حوالي ( 3122)
وحدة سكنية جديدة، وتوسيع لحوالي (60) مستعمرة صهيونية.

وتعد معظم المؤسسات الفلسطينية هدفاً لهذا التحريض
الذي تمارسه جهات تابعة لحكومة الاحتلال، مهمتها مراقبة عمل المؤسسات الفلسطينية
والتحريض ضدها، ويشكل أساس هذا التحريض على اتحاد لجان العمل الزراعي، الذي يعمل
على نصرة المزارع الفلسطيني ودعم صموده في أرضه، طبيعة عمله في المناطق المصنفة
“ج” حسب اتفاقية أوسلو، والتي تصنف كمناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية
مدنياً وعسكرياً، وتشكل مساحتها أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، حيث يتركز
عمل الاتحاد على استصلاح الأراضي وتأهيلها وتشجيرها لحمايتها من الاستيلاء
والمصادرة من قبل حكومة الاحتلال ومستوطنيها بحجة أنها أراضي مهجورة، وكان آخرها
حملة تشجير استهدفت عدة مناطق مهددة بالاستيطان في الضفة، لتبدأ على إثرها حملة
تحريض في الاعلام الاسرائيلي الذي تحدث عن تأسيس صندوق قومي فلسطيني على غرار
الصندوق القومي اليهودي، بهدف تأسيس دولة فلسطينية وفرضها كأمر واقع.    

ولا ينكفئ كيان الاحتلال عن سن القوانين التي تهدف
لملاحقة الفلسطينيين ومحاولة ردعهم عن الدفاع عن أرضهم وعن كونهم شعب تحت
الاحتلال، كفلت له المواثيق الدولية حقوقه بالدفاع عن أرضه وكرامته في وجه جرائم
الاحتلال المستمرة منذ 100 عام ضد كل ما هو فلسطيني، من شجر وحجر وإنسان، فعلى
سبيل المثال اعتقلت قوات الإحتلال الإسرائيلي أكثر من 300 فلسطيني – صاحب الحق – خلال
العام 2017 بتهمة التحريض عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ومنهم من تم تشكيل لائحة
اتهام ضدهم بسبب “إعجاب” أو “مشاركة” على الفيس بوك، في الوقت
الذي يشكل فيه التحريض جزء أساسي من حياة المستوطن الاسرائيلي على كل المستويات.

إن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تحاول التضييق على
الفلسطينيين من كل جانب وعلى كافة المستويات، وما التضييق على المؤسسات الفلسطينية
وشن حملات تحريض ضدها إلا استكمال لمشروع استعمار فلسطين، ووقف كل محاولة لتثبيت
المواطن الفلسطيني على أرضه وإثبات حقه، فترى الإعلاميين الإسرائيليين والمستوطنين
يتكلمون كأصحاب حق في الأرض وعن الفلسطيني كإرهابي يسرق الأرض ويزرعها دون حق.

تعلم حكومة الاحتلال أن كل محاولاتها لاقتلاع
الفلسطيني من أرضه باءت بالفشل، لإصرار الفلاح الفلسطيني على حماية أرضه والبقاء
فيها رغم عمليات القتل واقتلاع الأشجار التي يبلغ عمرها مئات السنين أي قبل أن
يخلق أصحاب فكرة تأسيس هذا الكيان وبنائه. وقد كانت آخر جرائم القتل التي ارتكبها
مستوطنون، قتل الفلاح محمود عودة من قرية قصرة أثناء عمله في أرضه، حين حاولت
مجموعة من المستوطنين طرده منها فرفض، وكان مصيره رصاصة اخترقت جسده، فقتلت
نموذجاً للمزارع الفلسطيني الصامد في أرضه المصر على إعمارها وحمايتها من فاشية
المستوطنين الاسرائيليين.

يعمل اتحاد لجان العمل الزراعي على تحقيق هدف رئيسي
وهو حماية الأرض ونصرة المزارع، وهو فعل شرعي لا يتعارض مع أي قانون دولي أو شرعية
دولية، بل إن فعل حكومة الاحتلال ومستوطنيها هو النقيض لكل ما هو إنساني وشرعي
ومنطقي.

إن المؤسف حقاً أن يصل الفلسطيني صاحب الحق، والواقع
تحت الاحتلال، لمرحلة يبرر فيها صموده على أرضه ودفاعه عنها، في وجه تواطؤ رسمي
عالمي مع دولة الاحتلال، التي تمارس أعتى أنواع الإجرام اليومي بحق الشعب
الفلسطيني، من سرقة للأرض والهوية وقتل الانسان واعتقاله دون أدنى احترام للمجتمع
الدولي وما خط من مواثيق ومعاهدات وشرعية، إن المطلوب اليوم من أصدقاء وداعمي
الشعب الفلسطيني، استمرار مواجهة هجمة الاحتلال المستمرة عليه، واستمرار دعمه وعدم
الرضوخ للضغوطات وحملات التحريض التي تمارسها حكومة الاحتلال ومستوطنيه، ومساندة
الشعب الفلسطيني بمؤسساته بفضح جرائم الاحتلال وعزله ومقاطعته، ومقاطعة المؤسسات
المكلفة برصد ومراقبة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وتجريمها.  

** الصورة لفتاة من منطقة “عين كرزليا” في الأغوار الشمالية بعد هدم قوات الاحتلال لمساكنهم، تصوير يوسف ديرية.